"ملف من الأرشيف" هي سلسة تقوم "جدلية" بنشرها بالعربية والإنجليزية بالتعاون مع جريدة ”السفير“ اللبنانية. الملفات لشخصيات أيقونية تركت أثراً عميقاً في الحقل السياسي والثقافي في العالم العربي.]
الإسم: محمد عبده بن حسين خير الله.
تاريخ الولادة: ولد محمد عبده في عام 1849.
مكان الولادة: من عائلة ريفية في قرية "محلة نصر" بمحافظة البحيرة في منطقة الدلتا في وقت عانت فيه أسر الفلاحين من الضرائب والقوانين المجحفة التي فرضتها الحكومة في مصر بحق الفلاحين.
المهنة: من أوائل رواد عصر النهضة الإسلامية ومذهب الإصلاح والتجديد.
محمد عبده
- بدأت ميول محمد عبده التجديدية بالظهور في وقت مبكر من سيرته التعليمية. فقد ترك الجامع الأحمدي في طنطا عاماً واحدا بعد التحاقه به بالرغم من كون الجامع الأحمدي مكاناً هاما لتلقي الدراسات الدينية بعد الأزهر. رفض محمد عبده أسلوب التدريس المتبع في الجامع الأحمدي الذي يعتمد على الحفظ دون تفكير. إلا أنه تحت ضغط من خاله الذي أثر بشكل كبير في حياته عاد محمد عبده لتلقي الدراسات الدينية في الجامع الأحمدي ومن ثم التحق بجامع الأزهر عام 1869.
- بدأ دراسته في الأزهر عام 1866 وأمضى فيه ثلاث سنوات . وكان بالأزهر يومئذ حزبان : شرعي محافظ وآخر صوفي. وقد أظهر ميلا" للشيخ درويش خضر خال والده وهو صوفي من أتباع الحركة السنوسية في طرابلس الغرب.
- في العام 1872 التقى جمال الدين الأفغاني، فلازمه وأصبح أقرب تلاميذه إليه وألصقهم به فكان ينشر باسمه أمالي الأفغاني ويعيد في الأزهر إلقاء الدروس التي يلقيها بمنزله. وقد كان لتلك الرفقة الأثر الأكبر على اتجاه عبده السياسية والدينية وكما سببت مرافقته للأفغاني وتأثره باتجاهاته السياسية والفكرية العديد من المشاكل في سيرته المهنية:
- فبعد تعيينه مدرساً للتاريخ مدرسة دار العلوم في عام 1879 تم عزله من هذا المنصب وحددت إقامته بقريته في نفس السنة التي نفي بها الأفغاني من مصر.
- في عام 1880 استصدر رياض باشا (ناظر النظار) عفواً عنه واستدعاه ليعينه محرراً في "الوقائع المصرية"، فأصبح رئيساً لتحريرها، وتولى مسؤولية الرقابة على المطبوعات.
- ابتعد عن التدريس وعمل بالصحافة والسياسة التي أصبحت منبراً لآرائه وأفكاره التجديدية والسياسية أثناء جميع مراحل الثورة العرابية ضد الاحتلال البريطاني. وبالفعل ألقي القبض عليه وسجن وحكم عليه بالنفي لمدة ثلاث سنوات فذهب إلى بيروت عام 1882.
- أقام في بيروت سنة واحدة، ثم لحق بأستاذه الأفغاني في باريس في أواخر العام 1883، وهنا أصدرا معاً جريدة "العروة الوثقى".
- بعد توقف "العروة الوثقى" عاد مجدداً إلى بيروت ودرّس في مدارسها ما يقارب الثلاث سنوات، وعاد إلى مصر في عام 1888 بعد أن سمح له الخديوي واستقر فيها، وعين قاضياً بالمحاكم الشرعية.
- في العام 1895 أقنع الخديوي بتأسيس مجلس إداري للأزهر وبقي لمدة عشر سنوات من أبرز أعضائه وحقق بواسطته بعض الإصلاحات.
- في العام 1899 عين مفتياً للديار المصرية (أي رئيساً للهيئة الدينية بأكملها) فتمكن من إصلاح المحاكم الدينية وإدارة الأوقاف، كما ساعدته فتاويه في الشؤون العامة على تفسير الشريعة بما يتوافق مع حاجات العصر.
- توفي في العام 1905.
منهجه و أفكاره
- رفض محمد عبده الطريقة التقليدية المتبعة في الدراسات الدينية وعبرعن امتعاضه من العلماء المسلمين التقليدين وتعجب من غفلة من وصفهم بـ”الناقلين” وتحريمهم الاشتغال بالعلوم التي أسماها بـ “الحقيقية” مشيراً إلى العلوم الأخرى الحديثة المعاصرة. عبر محمد عبده عن رفضه هذا في كتابه الذي نشره1290 هـ، 1874 م بعنوان “رسالة الواردات”. كما نشر مقال تحت عنوان “ الإسلام بين العلم والمدنية” أوضح فيه اقتناعه بأن الإسلام يشجع أساليب العلم الحديث.
- كان أستاذه جمال الدين الأفغاني الرجل ذا التأثير الأكبر على حياة محمد عبده ، فقد ربطته بالأفغاني علاقة إكبار وإجلال فقد وصفه في “رسالة الواردات” بالحكيم الكامل والحق القائم به ويقال بأن الأفغاني انتقل بعبده من تصوف النساك إلى تصوف الفلاسفة، وفتح أمامه أبواب الصحافة والإصلاح الديني والاهتمام بالعمل السياسي. فشاركه في التنظيمات السياسية التي أنشأها. وبالفعل اتجه بتشجيع من جمال الدين الأفغاني إلى العمل في الصحافة حتى قبل إتمامه تعليم الأزهري.
- التفت حوله نخبة من المثقفين والمفكرين كانوا يمثلون مدرسة الفكر المصري والعربي والإسلامي التي ترى التحرر والتطور ثمرة للتربية والتعليم والاستنارة، وتعلق الآمال على الصفوة المختارة في ميدان الفكر وليس على تحرك العامة واتجاه الجماهير.
-ارتبط بمراسلات وصداقات مع مستشرقين وأجانب منهم: غوستاف لوبون - هربرت سبنسر - تولستوي وألفرد بلنت.
-أخذ رشيد رضا على عاتقه تقديم أفكار محمد عبده وكتاباته وإعادة نشرها في مجلته المنار. تم ذلك في السنوات الأخيرة من حياة محمد عبده وبعد وفاته. أصبحت قراءة رشيد رضا لأعمال محمد عبدو المصدر والمرجع الأساسي للدراسات الأكاديمية وغير الأكاديمية التي تناولت محمد عبده كواحد من أهم أعلام حركة الإصلاح الإسلامي.
- لفت العديد من الباحثين في تاريخ وأفكار محمد عبده النظر إلى ضرورة توخي الحذر في الاعتماد الكامل على قراءة رشيد الرضا لعبده دون اتخاذ استراتيجية قراءة حديثة تأخذ في عين الاعتبار الظروف التي تشكل فيها هذا المرجع.
- تلقى محمد عبده وأستاذه الأفغاني انتباه العديد من المفكرين نشرت أعماله الكاملة في بيروت (المؤسسة العربية) في مطلع السبعينات وعمل على تحقيقها الدكتور محمد عماره.
- قدم محمد حداد إعادة لقراءة محمد عبده في كتابه "محمد عبده: قراءة جديدة في خطاب الإصلاح الديني" الذي نشرته دار الطليعة في بيروت عام 2003